الموت


التفكیر فیھ و فیما یلیھ یشغلنا منذ بدء التاریخ؛ نجده متأصل في الفنون و في الروایات و في
المعتقدات... كل ما نعرفھ ھو أنھ في الدورة الطبیعیة للحیاة، یعني الإستمرار و التطور و التغیر الدائم.
مع كل ما طرحھ الفلاسفة و كل ما تخبرنا بھ الأدیان و بالرغم من كل أفكارنا و مخاوفنا؛ فالحقیقة
أننا لا نعرف شیئاً عما یأتي بعد الموت و لا نعرف حتى ماھیتھ... سبب جھلنا ھذا بسیط جداً: لم
یتمكن أي شخص من العودة من العالم الآخر بالأدلة و الحقائق اللازمة لتأكید أي شيء حولھ.

ھل علینا الخوف من الموت؟ اجابة الفیلسوف الإغریقي الشھیر Epicurus
كانت بالنفي: "طالما أن الشخص على قید الحیاة؛ فالموت غیر موجود... و عندما یكون ھناك الموت، فالشخص بذاتھ غیر موجود"... بكلمات أخرى: لماذا یتوجب على الإنسان الخوف مما لن یعیشھ و یختبره بنفسھ؟
في واقع الأمر، ما یخافھ الإنسان لیس ھو الموت بحد ذاتھ؛ و انما الألم و المعاناة اللذان سیصاحبان ما یمكننا تسمیتھ
بمرحلة "الإنتقال" من الحالة الأولى (الحیاة) الى الثانیة(الموت)... في ھذه الحالة، ھناك أخبار جیدة؛ فالموت – بفضل
التقدم العلمي - في أیامنا ھذه أقل إیلاماً مما كان علیھ في الماضي حیث أن الطب قادر على تخفیف الآلام أو إلغاءھا
بالكامل عند الوصول الى تلك المرحلة السابقة "للإنتقال". لو تم استثناء التجارب الممیتة التي نشاھدھا في أفلام
السینما و تلك التي تتحدث عنھا نشرات الأخبار فیما یخص الحروب مثلا ، سنجد أن تجارب الموت التي
نحضرھا نحن بشكل شخصي قلیلة جداً و بین تجربة و أخرى ھناك، عادة ، فترة زمنیة طویلة تجعل امكانیة
معرفتنا بھذه الحالة ضئیلة جداً... و ھذه المعرفة شبھ المعدومة، أو ما یمكن تسمیتھ بالجھل، فیما یخص الموت
ھو تحدیداً ما یترك الباب مفتوحاً أمام شعورنا بخوف شدید تجاه ھذا المجھول.

الإیمان بالعالم الآخر لم یكن لیوجد أساساً لو لم یوجد الموت... یؤكد عدد من الباحثین أن الأدیان نفسھا نشأت
بسبب الخوف المتوطن في نفوس البشر من الموت... حتى الفنون بأنواعھا مدینة لھذا الحدث بالكثیر؛ فلولاه لما ترك
لنا الفنان مایكل أنجلو لوحة یوم القیامة و لما كان دانتي ألیغییري قد كتب الكومیدیا الإلھیة و لما كان ھناك وجود
لمنشآت كالأھرامات في مصر أو تاج محل في الھند. مفھوم الموت أخذ معان جدیدة في عالم الیوم؛ فقد
أصبحت الإحصاءات الخاصة بالوفیات المرتبطة بالأمراض و بأخطار الولادة و غیرھا مقیاس تطور الدول و مدى
انتشار و كفاءة الخدمات الطبیة في أي منھا.ظھور الأدیان أدى الى تغییر مفھوم الموت، فبدلا من
كونھ أمراً طبیعیاً یشكل النھایة للحیاة، أصبح مجرد نفق یودي بالسائر فیھ الى الحیاة الأبدیة... و ظھرت أفكار
جدیدة لم تكن معروفة قبل ذلك؛ كفكرة الحساب و الثواب و العقاب و الجنة و النار... قدمت الكثیر من المعتقدات
الدینیة الحیاة التي نعرفھا على أنھا لیست أكثر من مرحلة علینا المرور بھا قبل الإنتقال الى حیث لا وجود
للألم و لا مكان لمشقة العیش و لا خوف من الغد. نظمت الأدیان مراسم الدفن و طقوس الصلوات المصاحبة
للجنائز و طریقة التعامل مع جثة المیت. الموت تطور بتطور معتقدات البشر على مر العصور.

في المجتمعات المتحضرة تم ابتكار أسالیب جدیدة؛ في ولایة أریزونا فمثلا توجد مؤسسة تسمى ALCOR
تقوم بتجمید جثة المیت و وضعھ في حالة تشابھ السبات الدائم لأن المیت قبل وفاتھ تعاقد مع المؤسسة على حفظ
جسده بحالة جیدة الى حین یتمكن العلم من ایجاد أسالیب تمكن من اعادتھ الى الحیاة... الفكرة بسیطة جداً: في العام
1948 كان الأطباء یعلنون الوفاة في حالة توقف القلب، أما في العام 1998 فیكفي استخدام الصدمة الكھربائیة لیعود
القلب الى العمل... حسب ما تصرح بھ ALCOR
ففي العام 2048 ستصل الإنجازات الطبیة الى الحد الذي سیسمح ببعث العدیدین ممن تم اعتبارھم موتى في زمننا... حتى
الیوم، ھناك المئات من الأشخاص الذین تعاقدوا مع المؤسسة رغبة في العودة الى الحیاة في المستقبل.
.
ھناك شركات أخرى تعمل على تحنیط المیت و حفظھ بالصورة التي كان علیھا في حیاتھ... و ھناك من یعمل
على اخراج رماد المیت من نطاق الجاذبیة الأرضیة و تركھ لیسبح في الفضاء الى الأبد... في ھذه الأمثلة، نجد أن
مخاوف الأقدمین من الموت و ما یلیھ قد تحولت الى مصادر ربحیة لأشخاص كثیرین في وقتنا الحالي.
أخیراً، علینا ذكر أن البعض یتركون أجسادھم بعد الموت للعلم و البحث الطبي؛ فدراسة أجساد مرضى ماتوا لأسباب
معروفة سیساعد في انقاذ آخرین لا زالوا على قید الحیاة.




من نحن؟ من أین جئنا؟ و كیف بدأ الكون؟ كلھا أسئله طرحھا الإنسان منذ البدایة... الأسلوب الذي اعتمد علیھ
الإنسان كان إما عن طریق المعتقدات الدینیة (أي الإیمان المطلق بصحة ما قدمتھ الأدیان) أو عن طریق التفكیر
المنطقي الذي یعتمد في وصولھ الى الى نتائج مبنیة على المشاھدة أو المراقبة للظواھر المختلفة في الكون.
العلوم، بصورة أساسیة، ھي المعرفة الإنسانیة المعتمدة على حقائق موضوعیة یتم الوصول إلیھا عن طریق المشاھدة
و الدلیل المنطقي الذي یمكن قیاسھ بالتجربة أو الحسابات الریاضیة.
حتى القرن السابع عشر، وحتى زمن جالیلیو جالیلي، كانت العلوم مرتبطة بشكل وطید بالدین.
كانت الشعوب القدیمة مفتونة بحركة النجوم و بإمكانیة التلاعب بعناصر طبیعیة من أجل الوصول الى منتجات ذات
فوائد عملیة أو طبیة.

لھذا كانت الشعوب القدیمة في جمیع أنحاء الأرض (من الصین الى مصر) قد طورت العلوم بشكل مستقل؛ كالفلك
و الطب و الخیمیاء... لكن التفسیرات التي آمن بھا القدماء كانت دینیة بالكامل... في مصر الفرعونیة مثلا ، كان علاج
الأمراض یتم بالتعاویذ و بأسالیب طرد الأرواح لأن الإعتقاد الذي كان سائداً ھو أن الأرواح الشریرة ھي السبب في إیذاء
صحة الإنسان. حتى الریاضیات، التي بدأت في التطور قبل أكثر من خمسة آلاف عام، كانت ذات قیمة رمزیة حیث لم یعتقد أحد بقدرتھا
على مساعدتنا في فھم الكون... حتى الإغریق، قادة الفكر العلمي في التاریخ، كانوا یعتمدون على مجالین منفصلین في
منطقھم؛ الأول ھو الریاضیات المجردة و الثاني ھو المشاھدة التي كانت بلا دعائم تجریبیة.
في النھایة، تغلب أسلوب المشاھدة و التصنیف بفضل أرسطو الذي صنف كل الكائنات الحیة في زمنھ حسب عوامل لا یزال
بعضھا مستخدم حتى الیوم... لیس ھذا فقط ، بل تمكن أرسطو أیضاً من وضع الطبیعة في إطار نظام عقلاني
متماسك لم یسبقھ إلیھ أحد... لھذا بقیت آراؤه مسیطرة على الفكر في العالم لأكثر من ألفیتین من الزمن، حتى تحولت، في
المعتقدات المسیحیة في القرون الوسطى، الى أفكار مقدسة لا یجوز لأحد التعدي علیھا.
أسھم العلماء العرب في الحفاظ على تلك الأفكار و في تطویرھا في الكثیر من المجالات.
كان من المستحیل لھذا الواقع الإستمرار الى الأبد.

فقد كان لظھور الطباعة دور ھام في فتح أبواب جدیدة و في تسھیل نشر آراء و أفكار جدیدة لم یكن من المسموح التفكیر بھا سابقاً.
التغیرالكبیر جاء في العام 1543 عندما أكد نیكولاي كوبرنیكوس في كتابهDe Revolutionibus Orbium Coelestium
أن الأرض ھي التي تدور حول الشمس و لیس العكس؛ متحدیاً بذلك أسس علم الفلك الخاص بأرسطو.
بعد ذلك بوقت قصیر، جاء جالیلیو جالیلي الذي قام بتوجیھ الضربة القاضیة الى أفكار أرسطو... وضع جالیلیو أسس
العلوم الحدیثة و ذلك بإنشاء المذھب العلمي الذي سمح بالوصول الى نتائج مقبولة عن طریق المشاھدة و التجربة.
استخدم جالیلیو التلسكوب، لأول مرة، في التوصل الى حقائق دعمت أفكار كوبرنیكوس... أھم ما قدمھ جالیلیو لنا كان
فكرة واحدة: "الطبیعة مكتوبة بلغة ریاضیة"... ھذه الفكرة تم تطویرھا بفضل اسحق نیوتن الذي قدم للعالم في العام 1687 كتابھ
الشهيرPrincipia Matematica الذي احتوى على أسس الفیزیاء
الحدیثة المتضمن للمیكانیكا التقلیدیة و لقوانین الجاذبیة. كانت قوانین نیوتن ذات أثر كبیر أدى بالعلماء الى النظر الى الكون كآلة
تدور حسب قوانین ریاضیة و فیزیائیة... و ھذا الأثر كان لھ فضل في تطویر علوم أخرى كالبیولوجیا و الطب.

الزلزال العظیم الذي ھز الطریقة التي نظر بھا العلماء الى الكون و الطبیعة جاء في بدایة القرن العشرین... فمن جھة، تمكن ألبرت
آینشتین من برھنة أن الفضاء و الزمن لیسا عاملین منفصلین؛ فھما مرتبطان ببعضھما البعض ویعتمدان في حسابھما على موقع و سرعة
المراقب، مما أدى الى انھیار قوانین نیوتن في ما یخص المسافات
و الأزمان العظیمة جداً... و من جھة أخرى، جاءت میكانیكا الكم التي برھنت على أن موقع جسیم ما (في العالم المیكروسكوبي) في نقطة زمنیة
معینة یمكن معرفتھ فقط في نقطة زمنیة لاحقة... مما یعني أنھ، من الناحیة النظریة، یستحیل معرفة كل أوجھ الطبیعة... كل ھذا أدى الى
انھیار فكرة "الكون آلة".
تطورت العلوم بشكل كبیر جداً في جمیع الحقول المعرفیة، كذلك فقد تغیر أیضاً أسلوب العمل العلمي؛ فصورة العالم الذي یعمل وحده في
مختبره لم یعد لھا وجود... الیوم، توجد فرق مكونة من عدة أفراد یجب أن یعملوا و یتعاونوا معاً حتى الوصول الى نتائج متعلقة بأي
بحث... ھناك فرق تعمل في مجال الفضاء و الجینات و الطب و غیرھا.
التطور التكنولوجي سمح بالتحقق من كل ادعاء علمي و سمح أیضاً بنشر كل ما یثبت علمیاً.
التطور التكنولوجي سمح لنا كذلك بالخوض فیما حجمھ جزء من ملیار ملیار من المتر (المتناھي في الصغر) و فیما حجمھ ملیارات الكیلومترات (المتناھي في الضخامة)... للقیام بأداء حسابات دقیقة، توجد الیوم أحھزة كمبیوتر... و الریاضیات بدأت في الدخول في مجالات لیست علمیة مجردة كالإقتصاد و البیولوجیا.
الأسئلة تحولت، بمرور الزمن، من المسائل الأكثر عمومیة الى الخصائص، و من النظرة الفلسفیة الى النظرة الأخلاقیة و البیئیة...
كل الإجابات التي نرغب في الوصول إلیھا ستقدمھا لنا علوم المستقبل



ربما لاحظت من رأس الموضوع انه يتعلق بمسائل عقائديه
وهو بالفعل كذلك وذلك بسبب مرحله قد عاصرتها وعاصرها الكثيرون من غيرى ولم يتطرق اليها الكثيرين فأنا لم اجتزها تمام الاجتياز ولكن على الاقل اصبحت اقف على ارض صلبه تهدينى
فالمشكله كما ذكرت لاصدقائى من قبل تكمن فى التدرج , ففى الغرب مثلا تجد العالم غير مؤمنا بوجود الخالق و غير متبع لأى دين من الاديان و لكن مع تجاربه هو يتأكد من الصغائر اولا و من ثم يتأكد من وجود الخالق عز و جل و يصبح ايمانه قويا راسخا افضل من مئات المؤمنين اما عن الحال فى مجتمعنا العربى فنحن نبدء بكبائر الامور فحين نولد و نكبر يبدء الاباء فى تلقين الاولاد
تلك العقائد من حيث الخالق و الديانه و هى اشياء يصل لها المرء بعد طول ايمان فتأتى فتره التفكر و التساؤل فى ماسبق فيصبح الانسان فى حيره من امره لانه يسأل عن الصغائر فلا يجد من يجيبه بحجه انه طالما كان مؤمنا فلايجوز له طرح تلك التساؤلات ومن هنا يأتى الشك وضعف الايمان كما يحب ان يسمه البعض و للأسف هم المسؤلين عنه و ليس العقل المريض كما يزعمون ايضا
مع العلم انه اذا افترضنا ان الشخص سوف يكبح تلك الاسئله داخله و لن يظهرها و لن يسألها و يصلى و يزكى و يموت بعدها يموت ناقص الايمان وتلك مشكله لانه فى رأيى يرائى الناس فيصلى امامهم و يزكى و يحج البيت و يؤدى فرائضه و هو غير مقتنع بما يؤدى فما رأيك فى هذا الشخص؟
ايجب ان نكون هذا الشخص ام يجب ان نسأل حتى نصل الى مايهدى بالنا فما الفرق بين العاقل و المجنون الااظهار واخفاء الاشياء من وجهه نظرى فالمجنون يتحدث عن الافكار الغريبه التى تراوده اما العاقل فلا يتحدث عن تلك الافكار اهكذا يجب ان نعالج الشك و التساؤل؟.
لذلك اعتقد ان مرحله التساؤل هى واجب على كل مؤمن يشك فى وجود الخالق وليست ضعف ايمان

Newer Posts Older Posts Home